- i24news
- الشرق الأوسط
- حين تلتقي أميرة بحرينية مع اطفال عراقيين وفلسطينيين للعلاج في اسرائيل
حين تلتقي أميرة بحرينية مع اطفال عراقيين وفلسطينيين للعلاج في اسرائيل
حين يلتقي طفل افغاني مع اطفال عراقيين وفلسطينيين في قسم علاج أمراض القلب بمستشفى "فولفسون" في اسرائيل
كيف اجتمعت اميرة من البحرين مع أطفال عراقيين وفلسطينيين من قطاع غزة وحتى طفل من أفغانستان وغيرهم في مستشفى واحد في إسرائيل لتلقي العلاج في خضم أحداث تعج بها المنطقة ولا تترك للسلام والوئام بين الشعوب هنا أي سبيل.
ولكن دعونا نعود الى بداية الحكاية: والبداية تقول انه بالرغم من غياب العلاقات الرسمية بين إسرائيل ومعظم الدول العربية بل والإسلامية، فقد باتت المستشفيات الأخيرة في السنوات الأخيرة قبلة كل مريض تستعصي حالته على أطباء بلاده لا سيما من دول الجوار مع إسرائيل.
لقد تلقى في مستشفيات شمال إسرائيل 1320 جريحا سوريا العلاج، بينهم 150 طفلا وفقا لمعطيات نشرتها وزارة الصحة قبل أسبوعين ونيف. وبينما يتهم البعض إسرائيل بأنها تمد يد المساعدة لقوى المعارضة السورية بتقديم العلاج للجرحى، فإن السلطات في إسرائيل توضح بأن استقبال الجرحى على الحدود الإسرائيلية السورية وادخالهم المستشفيات الإسرائيلية للعلاج هو لدوافع إنسانية بحتة، وليس تدخلا في ما يجري في سوريا.
أما في مستشفى "فولفسون" في محيط تل ابيب، فقد تم على مدار 20 عاما استقبال وعلاج نحو 4100 طفل يعاني من امراض القلب المختلفة قدموا من خارج إسرائيل لتلقي العلاج المجاني في هذا المستشفى، نصفهم من الفلسطينيين بينما المئات الآخرين هم من دول عربية غالبتهم من العراق وعدد من الاطفال السوريين وطفلان من افغانستان والباقي وصلت اليهم البعثات الطبية الإسرائيلية التي سافرت الى 53 دولة نامية في العالم، ضمن مشروع مشترك مع منظمة "انقاذ قلب الطفل" التي اسسها جراح من المستشفى بالتعاون مع طاقم المستشفى، إذ تعاون في السنوات الاخيرة هذا المشروع مع "مكتب التعاون الاقليمي الحكومي" لتنشيط عملية جلب ومعالجة اطفال من دول عربية واسلامية.
عيادة خاصة للأطفال الفلسطينيين
في يوم الثلاثاء من كل أسبوع، تستقبل عيادة خاصة للأطفال الفلسطينيين في المستشفى اطفالا من الضفة الغربية وغزة. استقبلنا الدكتور عاكيفا تمير- مدير قسم "قلب وطفل" في مستشفى "فولفسون"، وكان يجري فحوصات للأطفال: "غالبية المرضى الذين يأتون من خارج إسرائيل هم من الفلسطينيين، من الضفة وقطاع غزة. منذ بداية المشروع قبل 20 عاما عالجنا حتى الآن نحو 4100 طفل من 53 دولة، نصفهم من الفلسطينيين، منذ سنوات عالجنا مئات الاطفال العرب من العراق وسوريا، وعملنا على تأهيل أطباء مختصين بأمراض القلب في هذه الدول حتى يعملوا هناك.
"يوم الثلاثاء من كل اسبوع يحضر 20 طفلا من الضفة وقطاع غزة، ونشخص حالاتهم لنحدد نوع العلاج الذي يجب ان نقدمه. نحن على تعاون مستمر مع أطباء في قطاع غزة والضفة الغربية، ونحاول قدر الامكان استقبال كافة الحالات المستعصية، لا سيما المستعجلة التي تصلنا في غضون ساعتين او ثلاث".
لقد زرنا الدكتورة الونا راوخر احدى المشرفات على العلاج في القسم الى جانب الدكتور د. تمير، فعرفتنا بلهفة كبيرة عن طفلة فلسطينية تدعى دارين (5 سنوات) من الخليل وكانت تعاين حالتها في تلك اللحظة، وقالت: "دارين وصلت المستشفى عام 2012 بعد ان اجريت لها عملية غير ناجحة في القلب عانت بسببها من مضاعفات خطيرة. لقد وصلت الى المستشفى بحالة حرجة للغاية وبدا شفاؤها معجزة". وأضافت: "لا زالت بحاجة للخضوع لعدة عمليات جراحية".
د. راوخر أكدت على ان متابعة العلاج بعد الشفاء أمر هام وهم ملتزمون برعاية جميع الاطفال حتى الشفاء ومتابعتهم بعد الشفاء، "أطفال الضفة الغربية وغزة يحضرون للعيادة اسبوعيا لإجراء الفحوصات اللازمة في حين ان باقي الاطفال من الدول الأخرى يزورهم الطاقم الطبي خلال بعثات طبية تنظم كل عدة اشهر الى هذه الدول".
ملايين الاطفال بالدول النامية بحاجة لعلاج أمراض القلب
تقول تمار شابيرا، مسؤولة الاعلام في منظمة "انقاذ قلب الطفل": "الاحصائيات العالمية تشير الى أن طفل من كل 100 طفل يعاني من مشكلة في القلب، ثلثهم يحتاج الى علاج طبي حتى لا يموت، إذا هذا يجعلنا نفهم ان ملايين الاطفال في العالم يحتاجون الى علاج" لذا أسس د. عامي كوهين الجمعية منذ 21 عاما لمساعدة الاطفال في الدول النامية غير القادرة على تقديم العلاج للحالات المستعصية.
العلاج الذي يوفر للأطفال مجاني، والتمويل يأتي من تبرعات من جهات حكومية ودولية بينها الاتحاد الاوروبي، لكن التكاليف الباهظة أقل في مستشفى "فولفسون" مقارنه مع دول اوروبية بحسب تمار شابيرا، بفضل الطاقم الطبي بالمستشفى الذي يعالج الاطفال ضمن ساعات دوامه العادية دون المطالبة بأي زيادة او مكافأة أي انهم يعالجونهم مجانا، ما يخفض من تكلفة العلاج.
وتقول تمار:" التعاون بيننا مثمر ساعدنا لأننا نوفر اجهزة حديثة يستفيد منها الجميع وها نحن نقيم مبنى جديد من المخطط ان يكون مستشفى للأطفال، التعاون ساهم بتطوير مستوى العلاج في المستشفى ايضا حيث تجري يوميا عمليات قلب كثيرة معقدة وصعبة، زادت من خبرة الطاقم وجعلت عمليات القلب في "فولفسون" من الاهم في اسرائيل".
وتطرقت تمار شابيرا الى مساهمة تعاون المنظمة ومستشفى "فولفسون" مع "وزارة التعاون الإقليمي" حيث يتجلى نشاط الوزير أيوب قرا، في مساعي علاج الاطفال العرب والفلسطينيين: "الوزارة تقدم لنا ميزانية هامة جدا، وتوفر لنا الدعم بما يتعلق بعمليات القلب الخاصة بالأطفال الفلسطينيين، العراقيين والسوريين، ساعدنا كثيرا بالدفع بأن تصبح نشاطاتنا في سلم الأولويات في البلاد وخارج البلاد وزيادة التوعية لأهمية الموضوع ما يساهم بتوفير ميزانية هامة جدا.
الوزير أيوب قرا يقول ان التعاون مع القائمين على المشروع جاء من منطلقات إنسانية بحتة "نسعى للتواجد في كل دولة تعاني من الحروب ونأتي بالحالات الصعبة والمستعصية، وسبق ان تعاونا في مشروع احضار مصابين سوريين غير مرتبطين بمنظمات إرهابية للعلاج في إسرائيل".
واضاف الوزير قرا: "الأطفال من الدول العربية يدخلون عن طريق الأردن بعد إتمام كافة الإجراءات القانونية ويدخلون مع عائلاتهم، ويمكثون في مسكن خاص للعائلات في فترة العلاج، ومدة مكوثهم تتراوح بين شهر حتى عام".
جمعية "اخوان معا" تجلب الاطفال العرب عبر الاردن
اجراءات احضار الاطفال من الدول العربية وقطاع غزة ترتبها جمعية "اخوان معا"، يوسف، منسق في الجمعية يحدثنا عنها: "انها جمعية خيرية مسيحية تحضر اطفالا مرضى قلب من سوريا وكردستان والعراق وقطاع غزة. انطلقت المؤسسة قبل 20 عاما واسسها جونثان مايلز. لقد بدأنا مع اطفال من غزة، وبعدها صرنا نحضر اطفالا من كردستان ومؤخرا من سوريا.
لدينا مكتب في كردستان، وجميع اطباء القلب في غزة يتعاملون معنا ويحولون لنا كافة الاطفال المرضى، ولدينا متطوعون في الاردن عن طريقهم أحضرنا مؤخرا 4 مرضى قلب من سوريا، نجحنا بإحضار مئات الحالات. في احدى المرات حاولنا احضار طفل من الجزائر لكنه لم يأت، وصل الى الاردن وهناك تراجع عن رأيه ورجع الى بلاده، اغلب الحالات تأتي من كردستان، دهوك، الموصل، السليمانية".
يوسف مسؤول الخدمة عن اطفال غزة ويرافق اطفال غزة خلال عيادتهم المستشفى، بالنسبة للمرضى من الدول العربية يقول يوسف ان هناك متطوعات يعملن مع الاطفال من الدول العربية، "وهناك ممرضات يرافقن المرضى السوريين والعراقيين خلال علاجهم في اسرائيل".
طفل افغاني وكردستاني وفلسطيني واطفال أفارقة
في العيادة قابلنا الفلسطيني جواد محمد قشقيش من قرية حلحول قضاء الخليل الذي اخبرنا عن قصته مع ابنه محمد (3 سنوات)، إذ ابلغوه وهو يوزع حلوى ببشرى ولادة ابنه محمد بانه غير قادر على التنفس" اتضح لنا لاحقا انه يعاني من خلل في شرايين القلب ويحتاج الى عملية مستعجلة، بعد اتمام كافة الاجراءات وصل بسيارة اسعاف لمستشفى "فولفسون"، اجريت له عملية ناجحة لإعادة الشرايين الى وضعها الطبيعي. نأتي سنويا لإجراء مراجعة. ابني يعيش حياة طبيعية الان".
في قسم العناية المركزة التقينا جمعة عثمان أحمد من كردستان العراق الذي يرافق ابنته نيان وكان مر 12 يوما على مكوثه في اسرائيل: "اجري لابنتي عملية جراحية، فقد عانت من فقدان الصمام الرباعي، استبدلوا الصمام وسدوا الفتحة التي كانت لديها في القلب، وضعها حاليا طبيعي جدا، اليوم سنخرج الى المستشفى الى سكن المنظمة، وسنزور المستشفى لإجراء المراجعات اللازمة حتى ننال التصريح بأننا قادرين على العودة الى الوطن".
فيلمون 13 عاما، ونتاشا 6 أشهر، وصلوا المستشفى من كينيا مع والدتيهما. فيلمون خضع لعملية توسيع للشرايين والصمام وحالته مستقرة، بينما نتاشا وزنها 3.7 كيلو وتقول الممرضة المسؤولة عن القسم، نافا جرشون، إنها ستخضع لعملية في القلب لكن قبلها سيقومون بزيادة وزنها وستجرى لها عملية تجميلية لتصحيح الحنك. هذه الحالات وصلت الى اسرائيل بعد ان تمت معاينتها خلال احدى البعثات الطبية بتنزانيا في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي.
في قسم العناية المركزة وقفنا امام سرير طفل افغاني وصل الى المستشفى بحالة صعبة جدا. وقال والد الطفل محمد يعقوب "كانت حالة ابني صعبة للغاية لم يكن قادرا على التنفس، وعمره سنتان، لكن مشاكل القلب اعاقت عملية النمو لديه وكما ترين فإن حجمه صغير. وحين رأيناه كان مرت على وصوله ثمانية أيام. هو الابن البكر لوالده لديه طفل آخر عمره ست أشهر تركه مع والدته في افغانستان.
الدكتورة رحيلي سنسريد المشرفة في قسم العناية المركزة على علاجه قالت: "وصل الينا وكان ازرقا ونسبة الاكسجين في دمه منخفضة جدا وحالته كانت خطيرة، اجريت له عملية معقدة وناجحة، اليوم هو قادر على التنفس بقواه الذاتية، وهذا يعتبر تحسنا كبيرا". وأضافت ان الطفل محمد يعقوب لن يغادر المستشفى الا بعد التأكد من انه لن يحتاج الى علاجات معقدة في بلاده والعلاجات متوفرة هناك ونظرا لوضعه فان بوسعه ان يواصل مكوثه هنا لمدة اشهر طويلة.
اميرة بحرينية حضرت للعلاج في اسرائيل
هذا الطفل الافغاني ليس الاول الذي يتلقى العلاج في مستشفى "فولفسون"، فقد روى لنا الوزير أيوب قرا ان المنظمة أحضرت الى اسرائيل طفلة أفغانية كانت تشارف على الموت، لكن ممرضة أمريكية من ميامي سمعت عنها وحضرت الى إسرائيل خصيصا لمرافقتها والعناية بها خلال فترة علاجها التي استمرت ثلاثة أشهر.
وتطرق الوزير قرا الى حالة طفل ايزيدي وصل اسرائيل هزيل البنية لدرجة الخطورة، لكن وبعد تقديم العلاج تحسن خلال أسبوع، وتطرق ايضا الى وصول طفل للعلاج من غزة من اقارب احد قادة حماس، وضعه كان صعبا للغاية. ويقول "في حينه كانوا يهاتفونني من قطاع غزة يوميا وبدون أي تحفظات".
ساهمت علاقات الوزير قرا القوية مع جهات في دول عربية وإسلامية في احضار أميرة من العائلة المالكة في البحرين للعلاج في إسرائيل: "انها لم تأت ضمن إطار المشروع، لكن الاميرة أصرت على ان تأتي للعلاج في إسرائيل لثقتها بالعلاج هنا، وآمنت بأن احتمالات الشفاء كبيرة. تواصلوا معي عن طريق اشخاص يعرفونني عن طريق دولة ثالثة، وتوجهت الى رئيس الحكومة عندها، اتممت كافة المعاملات، وحضرت الاميرة برفقة زوجها. وضعها كان صعبا للغاية، اجريت لها عملية جراحية فور وصولها تكللت بالنجاح وعادت بعد ثلاثة أشهر الى بلادها".
الكاتبة: هبة زعبي - محررة في موقع i24NEWS بالعربية