- i24NEWS
- تحليلات وأراء
- تحليل: أوروبا .. مسلمون ويهود يعانون من تزايد العنف والكراهية منذ هجوم السابع من أكتوبر
تحليل: أوروبا .. مسلمون ويهود يعانون من تزايد العنف والكراهية منذ هجوم السابع من أكتوبر
تزايدت حالات العنف والكراهية في أوروبا بعد الحرب بين إسرائيل وحماس ضد المسلمين واليهود على حد سواء، التقرير أدناه يسلط الضوء على القضية

منذ بداية الحرب ضد حماس في غزة سجل ارتفاع كبير في حوادث معاداة السامية وكراهية المسلمين على حد سواء في مختلف دول الاتحاد الأوروبي. ووفقا للعديد من التقارير الرسمية وأحرى صادرة عن منظمات حقوقية، تشمل تلك الهجمات الاعتداءات الجسدية واللفظية، وأيضًا كتابات ذات مضمون مليء بالكراهية والتهديدات عبر الإنترنت.
ورغم من أن السلطات الأمنية في بلدان الاتحاد الأوروبي عززت الحماية لليهود منذ بداية الحرب بين حماس واسرائيل، إلا أن اليهود الأوروبيين يشعرون بالخوف، كما صرحوا ويصرحون به في العديد من المناسبات وعبر مختلف المنابر. واعترفت مفوضية الاتحاد الأوروبي بالأمر، حيث أعربت عن قلقها إزاء تزايد خطاب الكراهية والجرائم ضد اليهود وأيضا المسلمين في أوروبا، وتقول إنها "جعلت سلامتهم أولوية قصوى".

اليهود في أوروبا يعيشون بانعدام الأمن
في العاصمة برلين؛ سجلت اعتداءات على مؤسسات يهودية أكثر من مرة، وكانت هناك محاولة فاشلة لتنفيذ هجوم مسلح على كنيس يهودي برميه بقنابل حارقة شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي، أي بعد أيام قليلة على بداية الحرب بين حماس وإسرائيل في غزة. وقالت آنا سيغال - المديرة الإدارية لمؤسسة يهود برلين- في حوار مع قناة برلين "إن اليهود لا يشعرون بالأمان، ويشعرون بأنهم مستهدفون".
وسواء في برلين، باريس، أو مدريد، أو بروكسل، تتخذ معاداة اليهود أشكالا مختلفة. وقام أشخاص يكونون في الغلب مجهولين بوضع نجوم داود على الأبواب أو المحلات التجارية. وتشير السلطات إلى أن هذه الحوادث تعد جرائم ذات دوافع سياسية. كما أقدم البعض في مختلف المدن الأوروبية بحرق أو تمزيق علم إسرائيل خلال المظاهرات المساندة للفلسطينيين. وفي ألمانيا لوحدها تم الإبلاغ بحدوث 33 حالة من هذا النوع. بالإضافة إلى ذلك رفعت شعارات معادية لليهود وإسرائيل وأخرى تمجد الهجوم الذي قامت به حركة حماس على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023.

يهود يخفون هويتهم في الأماكن العامة !
وفي الجارة فرنسا أحصت السلطات 584 بلاغاً عن أعمال معادية للسامية منذ ذلك التاريخ. وأفادت وزارة الداخلية عن وقوع 501 حالة بين 7 و22 تشرين أول/أكتوبر، واعتقال 279 شخصا، نقلا عن موقع صحيفة "لوموند". وعبر رب الأسرة شلومو أزيزا عن خوفه تجاه أولاده، وقال في حديث مع موقع i24NEWS إنه طلب من أبنائه عدم إظهار ما يكشف ديانتهم اليهودية داخل المدرسة وخارجها في العاصمة الفرنسية. ويضيف أزيزا أنه بدوره لم يعد يستطيع وضع "الكيباه" فوق رأسه عندما يغادر بيته أو مقر عمله. ورغم الإجراءات الأمنية المتخذة لحماية المؤسسات اليهودية فالخوف لا يزال مسيطرا على اليهود في أوروبا من هجمات محتملة عليهم وعلى عائلاتهم.
انتقادات لمواقف بعض الحكومات من الحرب
أما في بلجيكا فبعيد هجوم حماس على بلدات إسرائيلية والرد العسكري الإسرائيلي على الهجوم، قام مجهولون بتدنيس 85 مقبرة يهودية في مدينة شارلروا ببلجيكا. ووصف إيف أوشينسكي، رئيس المنظمة الجامعة للمنظمات اليهودية في بلجيكا، في مقابلة مع صحيفة "لوسوار" إن ما حدث بشارلروا بمثابة "الجريمة التي تهدف إلى تجريد اليهود من هويتهم عن طريق إزالة نجمة داود من قبورهم".
ويحمل بعض يهود بلجيكا الحكومة المسؤولية أمام مشاعر العداء والهجمات ضدهم بسبب ما يصفونهم "انحياز بعض المسؤولين الحكوميين للجانب الفلسطيني"، رغم أن حركة حماس التي تصنفها دول الاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، هي من بدأت الهجوم على إسرائيل، يضيف البعض. نفس الموقف يتبناه يهود اسبانيا وايرلاندا. ووجه البلدان انتقادات حادة للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، وخرجت في مدنهما مظاهرات رفع في بعضها شعارات معادية لليهود وأحرقت فيها الأعلام الإسرائيلية.
وأمام زيادة مشاعر معاداة اليهود على خلفية الحرب ضد حماس، اجتمع في الـ19 من شهر كانون أول/ديسمبر الماضي ممثلو اليهود من مختلف أنحاء العالم في باريس، من أجل التباحث في موضوع معادة اليهود والسامية بعد هجمات 7 أكتوبر على إسرائيل. وشدد المؤتمر في بيان على ضرورة مواجهة "التهديد المتزايد ضد اليهود بما في ذلك خطاب الكراهية عبر الإنترنت".

المسلمون يشكون بدورهم تزايد مشاعر العداء ضدهم
ومن جانبهم؛ يعاني الكثير من المسلمين من تزايد السلوكيات العنصرية والتنمر منذ السابع من أكتوبر. ووفقا لعبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، "سجلت الفترة الواقعة بين 9 تشرين أول/أكتوبر 2023 و29 نوفمبر 2023، توثيق 149 حالة اعتداء بعنف أو بتهديد أو بتمييز ضد المسلمين في المانيا، علما بأن 24 هجومًا وقعوا على مؤسسات دينية".
وكما هي حال اليهود؛ أوضح عبد الصمد اليزيدي في حديث مع موقع i24NEWS أن "الأمر يصل إلى تهديدات مباشرة أو عبر البريد وأيضا على مواقع التواصل الاجتماعي". ويضيف اليزيدي أن "السلوكيات العنصرية على خلفية الحرب بين حركة حماس وإسرائيل لم تعد تقتصر على اليمين المتطرف كما في الماضي". وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر بعد تلقيها تقرير لتقرير حول زيادة العنصرية ضد المسلمين في ألمانيا، إن الحكومة "ستدرس بشكل مكثف نتائج التقرير وتوصياته" وستعمل على "مكافحة التمييز وحماية المسلمين بشكل أفضل".
وفي فرنسا تم الإبلاغ عن 42 رسالة تنطوي على تهديدات أو إهانات خلال أقل من شهر على الحرب في غزة، حسبما ذكر عبد الله ذكري نائب رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي، لوسائل اعلام فرنسية. أما في بريطانيا فتجاوز عدد الحالات التي تم الإبلاغ عنها 700 حالة بعد أسابيع قليلة من بداية الحرب.
ويتهم الكثير من المسلمين في فرنسا الحكومة "بعدم أخذ مخاوفهم على محمل الجد. ويقول ابراهيم س. وهو فرنسي من أصل مغربي أن "الحكومة الفرنسية تركز على سن قوانين جديدة تستهدف المسلمين على غرار حضر لباس العباية في المؤسسات العمومية خوفا من تصاعد اليمين". ويضيف ابراهيم س. في حديث لـ i24NEWS أن الحرب في غزة "أججت مشاعر الكراهية ضد المسلمين في الشارع الفرنسي ولكن أيضا في مؤسسات الدولة".

مبادرات معزولة لتعزيز روح التسامح
وفي نهاية العام الماضي أطلق يهود ومسيحيون ومسلمون في ألمانيا مبادرة أطلق عليها "كتف لكتف" من أجل التضامن ضد العنصرية والعنف المعادي للسامية وللمسلمين، والدفاع عن التسامح والحوار الديني. وفي مدينة مارسليا جنوب فرنسا أطلق حاخام وأسقف وإمام مبادرة مماثلة "تؤكد على الأخوة في مواجهة شبح التوترات بين اليهود والمسلمين، الناجمة عن عودة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما أو ضحا في للموقع الإخباري الفرنسي "لاكروا". لكن مثل هذه المبادرات لا تزال حالة خاصة وتأثيرها يظل محدودا.
ولطالما استمرت الحرب بين حركة حماس وإسرائيل، فان تداعياتها على اليهود والمسلمين في أوروبا ستتواصل أيضا.