- i24NEWS
- تحليلات وأراء
- تحليل:رفع الفيتو الألماني عن بيع مقاتلات "يوروفايتر تايفون" للسعودية: الأسباب والمقابل !
تحليل:رفع الفيتو الألماني عن بيع مقاتلات "يوروفايتر تايفون" للسعودية: الأسباب والمقابل !
رفع الفيتو الألماني عن بيع المقاتلات الألمانية له دلالات سياسية وأمنية هامة ومثيرة يتطرق اليها التحليل
في تغير مفاجئ في مواقفها أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك خلال زيارتها إلى إسرائيل عن موافقتها بيع مقاتلات "يوروفايتر" للسعودية. وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن هيبستريت إن المستشار الألماني أولاف شولتس يشارك وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تقييمها بأن السعودية تتخذ "موقفا بناء للغاية" تجاه إسرائيل في صراع الشرق الأوسط. وأشار إلى معلومات تفيد بأن القوات الجوية السعودية أسقطت، من بين أمور أخرى، صواريخ أطلقها المتمردون الحوثيون على إسرائيل باستخدام مقاتلات "يوروفايتر". فما الذي تغير الآن حتى يغير المستشار الألماني ووزيرة الخارجية موقفهما؟.
خلفيات الفيتو الألماني في توريد المقاتلات للسعودية
في عام 2018 خلال فترة حكم المستشارة السابقة أنغيلا ميركل، فرض التحالف الكبير المكون من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، حظراً على التصدير على المملكة العربية السعودية. وحينها بررت برلين القرار "بتورط الرياض في حرب اليمن".
الآمور ستزيد بعدها سوءا بعد مقتل الكاتب الصحفي في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي في السفارة السعودية بإسطنبول في تشرين ثاني/نوفمبر من نفس العام. ونتيجة لذلك فرضت الحكومة الفيدرالية في ذلك الوقت حظرًا شاملاً على التصدير. خطوة لم تثر غضب السعودية فقط، بل أيضا الشركاء الأوروبيين في إنتاج الأسلحة خصوصا بريطانيا.
خلال زيارة إلى بريطانيا عام 2019، وقع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على بروتوكول اتفاق يقضي بشراء المملكة 48 مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون". لكن برلين وقفت في طريق الصفقة.
تغير الموقف الألماني تجاه الرياض بدأ منذ العام الماضي!
في شهر تموز/يوليو من العام الماضي وافقت الحكومة الفيدرالية على تخفيف قواعد التصدير الصارمة لصادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. لكن استثنى طائرات يوروفايتر بعد. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس في قمة الناتو بليتوانيا "أؤكد لكم أن القرار بشأن تسليم مقاتلات يوروفايتر إلى المملكة العربية السعودية لن يكون على جدول الأعمال في المستقبل المنظور".
ويرى خبراء أوروبيون أن الحكومة الفيدرالية كانت ربما تأمل حينها بأن تستجيب المملكة العربية السعودية، في المقابل، بشكل إيجابي لأوروبا بشأن مسألة أسعار النفط. ولكن يبدو أن العكس هو الذي حدث. ففي آخر اجتماع لمنظمة أوبك (5 تشرين أول/أكتوبر 2022) في فيينا اتفق وزراء النفط في المنظمة يتفقون على خفض إنتاج النفط، ما يخدم المصالح الروسية.
واليوم (الأربعاء 10 كانون ثاني/يناير) أعلن متحدث باسم الحكومة الألمانية اليوم الأربعاء إن برلين وافقت على تسليم 150 صاروخ جو-جو من طراز إيريس-تي إلى السعودية لتستأنف بذلك صادرات الأسلحة إلى المملكة والتي كانت محظورة منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في عام 2018. وأجاز مجلس الأمن الاتحادي الألماني الصفقة في ديسمبر كانون الأول وفقا لوثيقة من وزارة الاقتصاد اطلعت عليها رويترز مما يؤكد تقريرا سابقا لمجلة شبيغل الإخبارية الألمانية.
خبير : "تبرير ألمانيا للتسويق الداخلي"
يرى المحلل السياسي والخبير الأمني غريسل غوستاف أن ما وصفته وزيرة الخارجية الألمانية ب"الدور الإيجابي للسعودية لأمان إسرائيل مهم للاستهلاك الداخلي الألماني". ويضف غريسل في حديث لموقع I24News أن ألمانيا "تتعرض أيضًا لضغوط قوية داخلية أوروبية، كالمملكة المتحدة التي أفشل الفيتو الألماني صفقة بيع الطائرات إلى السعودية". ومن بين العوامل الأخرى التي جعلت برلين ترفع الفيتو -حسب غريسل-. " تقدم ترامب في استطلاعات الرأي والحرب في أوكرانيا، التي أبرزت أهمية صناعة الدفاع المستقلة". يريد الألمان الآن حماية بقاء صناعة الدفاع الخاصة بهم، ويرغبون في توجيه إشارات إلى فرنسا والمملكة المتحدة بأن ألمانيا شريك موثوق به. إذا جاء ترامب، سيحتاجون إلى فرنسا والمملكة المتحدة، وفقا للخبير الأمني والمحلل السياسي غريسل.
ورغم أن السعوديين اشترطوا على الولايات المتحدة مقابل التطبيع مع إسرائيل ضمانات أمنية ودعماً من واشنطن لتطوير برنامج نووي مدني، إلا أن المحلل السياسي والخبير الأمني غوستاف يستبعد أن يكون هناك تقارب بين السعودية وإسرائيل رغم رفع الفيتو الألماني أما بيع طائرات "يوروفايتر" للسعودية. ويقول الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية ل I24News إن "التقارب بين السعودية وإسرائيل يستند إلى الشكوك المشتركة تجاه طهران، ومع ذلك، لا يزال غير واضح في هذا الوقت كيف سيتم استمرار هذا التقارب بعد حرب غزة. من الناحية الحالية، يظل من غير الواضح ما إذا كانت ستعترف المملكة العربية السعودية فعلاً بإسرائيل دبلوماسياً".
الصفقة قد تعيد ثقة الرياض في الغرب
ويستبعد محللون أن تنخرط السعودية بشكل فعال في التحالف الدولي ضد الحوثيين في البحر الأحمر، تفاديا لإثارة غضب إيران. فالسعودية وغيرها من بلدان الخليج فهمت رسالة تدوينه علي شمخاني، مستشار للمرشد الأعلى الإيراني، حيث كتب في مواقع التواصل الاجتماعي، إن "أي دولة تنضم إلى التحالف الأمريكي للتصدي لهذا العمل (الحوثي) هي مشارك مباشر في قتل النظام الصهيوني للأطفال"، على حد تعبير مستشار المرشد الأعلى الإيراني.
لكن البعض يرى أن رفع الفيتو لألمانيا أمام توريد مقاتلات "يوروفايتر" سيخدم مساعي التطبيع بين السعودية وإسرائيل وسيكون ضربة لإيران وحركة حماس، خصوصا وأن أحد أهداف هجوم السابع من أكتوبر - حسب الكثير من الخبراء - كان يهدف إلى إفشال مفاوضات التطبيع بين السعودية وإسرائيل. كما أن الخطوة الألمانية تجاه الرياض ستجعل السعوديين يستعيدون ثقتهم في الغرب فيما يخص مخاوفهم الأمنية في الخليج، والتي كانت عاملا بارزا في تطبيع علاقتها مع إيران وتقاربها مع الصين وروسيا، مديرة ظهرها للإدارة الأمريكية وللكثير من الحكومات الغربية.