- i24NEWS
- الشرق الأوسط
- أربيل بوابة عبور العراقيين نحو هجرة غير مضمونة إلى أوروبا
أربيل بوابة عبور العراقيين نحو هجرة غير مضمونة إلى أوروبا
تحولت مدينة أربيل في شمال العراق بوابة عبور لعدد متزايد من العراقيين على درب هجرة غير مضمونة إلى أوروبا
تحولت مدينة أربيل في شمال العراق بوابة عبور لعدد متزايد من العراقيين على درب هجرة غير مضمونة إلى أوروبا، بحثا عن حياة أفضل من التي يعيشونها في بلاد تعاني منذ أعوام أعمال عنف وصعوبات اقتصادية. ويقول أمري شوكت، وهو مدير شركة سفر سياحية في أربيل، عاصمة اقليم كردستان "نبيع العديد من تذاكر السفر عبر البر باتجاه واحد هذه الأيام، أكثر من أي وقت مضى. الناس يائسون". في العام 2014، اضطر مئات آلاف العراقيين للنزوح في وجه هجوم تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على مساحات واسعة من البلاد. وعلى رغم تمكن القوات العراقية والكردية من لجم تمدد التنظيم إلى حد كبير مع تواصل القتال ضده، إلا أن المشكلات الأخرى التي كان يعانيها العراقيون قبل تقدم الجهاديين لا زالت على حالها، وأهمها البطالة والفساد وتدني مستوى الخدمات العامة.
وتدفع هذه العوامل العراقيين إلى السعي للانتقال إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث باتوا يشكلون خامس أكبر مجموعة سكانية طالبة للجوء في الربع الأول من 2015. وازداد عدد العراقيين الذين يطلبون اللجوء في أوروبا، بنسبة 200 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبات اليأس من مستقبلهم في بلادهم، سمة لهؤلاء. ويقول إيهاب العجيلي (25 عاما) "لن يتأتى أي أمر ايجابي في هذا البلد". ويضيف الشاب القادم من من بغداد وهو ينتظر حافلة خارج مكتب شوكت، للانتقال على متنها برا إلى تركيا، "سأقوم بأي شيء. أي وظيفة في أوروبا ستكون أفضل من البقاء هنا". وتعد ألمانيا الوجهة المفضلة للعراقيين، تليها السويد ودول اسكندينافية أخرى، حيث يعتقدون أن شروط قبول اللجوء هي أكثر ليونة.
وعلى رغم أن العديد من الراغبين بالهجرة تابعوا عبر الاعلام المصير القاتم الذي واجهه آلاف المهاجرين غير الشرعيين مؤخرا في عرض البحر المتوسط، إلا أن إدراكهم للصعوبات التي قد تنتظرهم يبدو غير كاف. ويقول حسين الشمري، صديق ايهاب، "نحن الآن ذاهبان إلى تركيا، إلى إزمير. هناك ثمة مهربون، يضعوننا على متن قوارب وينقلوننا إلى اليونان". ويشرح الشمري خطة انتقاله وصديقه من اليونان إلى مقدونيا بالقطار، فصربيا والمجر بمساعدة مهربين، وبالطريقة نفسها إلى النمسا، حيث من المقرر أن يفترقا. ومع صعود دفعة ثانية من المهاجرين إلى متن حافلة على الطريق نفسها، وقف صاحب أحد مكاتب السفر عبد الجليل أحمد (52 عاما)، يراقب والدموع حبيسة عينيه، مغادرة زبائنه الذين يرجح ألا يلتقي بهم مرة ثانية. ويقول "أحدهم كان طالبا في الحقوق. هم أشخاص متعلمون ولن يعودوا".
"المتعلمون لن يعودوا"
وتغص مواقع التواصل الاجتماعي بحسابات تروج لعمليات التهريب كما لو انها رحلات سياحية، وتنشر هذه الحسابات لوائح أسعار المهربين، والعروض الخاصة، وأرقام هواتف، وزوايا لتدوين التعليقات. وعلى رغم انعدام خطة واضحة، يغادر العراقيون آملين في ان تمكنهم الخمسة آلاف دولار التي يدفعونها للمهربين، من الوصول لغرب أوروبا. في المقابل، يمكن لمن يستطيعون دفع تكاليف اضافية، تفادي مخاطر التنقل بالبحر، وشراء تذكرة سفر، إلا أنهم سيكونون مضطرين للحصول كذلك على تأشيرة دخول إلى احدى الدول الأوروبية.
ويسعى هؤلاء إلى تأمين تأشيرة دخول من دون أخذ بصمة أصابعهم، بهدف التحايل على قوانين اللجوء الأوروبية وتفادي ترحيلهم. وسيضطر داريا صديق إلى دفع 12 ألف دولار عن نفسه وعن زوجته، وسبعة آلاف دولار لكل من أولادهما الثلاثة، للحصول على تأشيرات دخول ببصمات مزورة من شركات تتعاقد معها قنصليات أجنبية في أربيل.
ولا يتمتع صديق، وهو كردي يبلغ من العمر 32 عاما، بالسمات التقليدية لطالبي اللجوء، إذ أن مدخوله الشهري يبلغ ثلاثة آلاف دولار، وهو يقيم في منزل رحب حديث البناء على أطراف أربيل. ويقول "أعمل منذ بلغت العاشرة من العمر، لبناء هذه الحياة وهذا المنزل. الآن أنا مستعد للتخلي عن كل هذا عندما أصل إلى احدى هذه الدول. أي مكان طالما أنا سعيد، آمن، أتمتع بعدالة اجتماعية وحقوق انسانية".
وأثناء الحديث معه في غرفة الجلوس، كانت احدى القنوات الكردية تعرض تقريرا اخباريا عن وصول مهاجرين من الأكراد السوريين إلى جزيرة كوس اليونانية، بعد عبورهم البحر المتوسط على متن قوارب مطاطية. ويقول صديق "أريد لأولادي حياة جيدة وآمنة بعيدا مما يجري هنا". وفي حين أن كردستان كان يعد مساحة من الاستقرار والنمو وسط الاضطراب المحيط به في العراق، إلا أن الاقليم الذي يضم ثلاث محافظات، بات بدوره يخسر بعض أبنائه الباحثين عن الهجرة. ويقول صديق "كردستان لن تكون أبدا جنة، سيصبح الوضع أسوأ عاما بعد عام، لأن الأكراد ليسوا موحدين".
وليس صديق وحيدا في تشاؤمه. في مكتبه، يشكو شوكت من "عدم وجود كهرباء حتى. لذا يمكنك الجلوس وأنت تتصبب عرقا في انتظار التغيير، أو يمكنك مغادرة البلاد". يضيف "أتفهم الناس الذين يغادرون". ويومئ شوكت باتجاه أحد الموظفين لديه، قائلا إنه "يعمل مقابل 300 دولار شهريا. هذا مقدار الفرص المتاحة له. قد أضعه بنفسي على متن حافلة يوما ما. في الواقع، لو لم أكن متزوجا ولدي أولاد، لغادرت أنا أيضا".
بمساهمة: ا.ف.ب