الفرشاة أم الكاميرا؟ ماذا نستخدم أولا بخصوص غزة
التعايش لا يتم التحدث عنه فقط بل تأكيده من خلال مشاريع مشتركة، هكذا هي قصة الفيلم جيرة الذي يسرد قصة فنانين
التعايش لا يتم التحدث عنه فقط بل تأكيده من خلال مشاريع مشتركة، هكذا يقول المخرجان السينمائيان يوسف أبو مديغم وياكي ايالون، حيث يسرد فيلم "جيرة" السينمائي الوثائقي قصة فنانين الأول فلسطيني خضر وشاح أهله وأقاربه في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من عشر سنوات، الثاني فنان إسرائيلي حاييم مائور غالبية افراد عائلته وأسرته تم حرقهم في ماكينة الموت داخل معسكرات النازية.
يسرد فيلم "جيرة" للمخرجين يوسف أبو مديغم وياكي ايالون معاناة الفنان خضر وشاح والذي يسكن في مدينة رهط مع زوجته وأولاده يحلم في الوصول والعودة إلى أهله وأقاربه في مدينة غزة المحاصرة والتي تبعد عن مدينة رهط يضع كيلومترات إلا انه يعجز عن وصولها ودخولها فيعيش حياته في صراع متواصل كما تظهر رسوماته الفنية تعلقه وحبه بالعائلة في غزة والهوية وتحقيق الذات.
الايام التي سبقت حرب غزة كانت هادئة نسبيا، إلى أن تم قرع طبول الحرب التي دوت واصمت اذان الفنانين والناس البسطاء. خضر وشاح فنان فلسطيني حاييم مائور فنان اسرائيلي كيف يمكن العمل معا ايام الحرب؟ الطريقة الاولى المقاطعة النهائية الطريقة الثانية أكثر صعوبة وهي المواجهة والمجابهة التي تكشف معدن الفن الاصيل، لا تعايش مع الفرشاة الفن لا يأتي ليجمل الصورة اذن كيف خرجت تلك الرسومات؟.
ولد خضر وشاح عام في عائلة فلسطينية من مخيم البريج بقطاع غزة عام 1966، تزوج فيما بعد بامرأة بدوية وهما يعيشان معا في رهط والتجربة الوجودية المعقدة التي يعيشها تشغله كإنسان وفنان. ويردد وشاح دوما انه "من جهة فلسطيني يحمل هوية إسرائيلية يعيش في إسرائيل ويأكلني الشوق باستمرار إلى أبناء عائلتي الذين يعيشون في غزة، وسيناء، والأردن، والإمارات. في نظر الإسرائيليين اليهود أنا مسلم، عربي، بدوي، فلسطيني بل وعدو أيضا. ومن جهة أخرى أشعر بأنني إسرائيلي تماما، أتكلم العبرية، وأشارك في حياة المجتمع الإسرائيلي ومشاكله. أبناء عائلة زوجتي، أبنائي وأصدقائي المقربين يعيشون هنا معي وإلى جانبي. في نظر الفلسطينيين أنا إسرائيلي، ويعتبرونني عدوا".
"خط النار"
تحولت المناطق الحدودية بين إسرائيل وقطاع غزة حيث اقيمت خيام للاجئين إلى ساحة كر وفر بين الاف المتظاهرين والقوات الاسرائيلية في مواجهة هي الأولى من نوعها منذ حرب صيف 2014. قبيل ظهيرة كل يوم جمعة يتدفق عشرات الاف الفلسطينيين الى الخيام التي تبعد اقل من مئتي متر عن الحدود شرق مدينة غزة، لكن سرعان ما يندفع مئات منهم الى السواتر الرملية التي تبعد عشرات الامتار عن السياج الحدودي حيث تتمركز دبابات ومصفحات اسرائيلية.
وكلما سقط قتيل او جريح فلسطيني تراجع العشرات الذين اقتربوا من السياج ويتقدم مسعفون لحمله الى سيارة اسعاف تتوقف بعيدا ومنها الى مستشفى ميداني. لكن سرعان ما يعاود الشبان الكرة للتمركز فوق سواتر الرمل بينما الجيش يواصل إطلاق النار مستخدما طائرة صغيرة من دون طيار تحلق على ارتفاع منخفض وتطلق قنابل الغاز تجاه المتظاهرين.
وفي حين حولت كثافة الغاز الاجواء إلى ضباب أبيض في غالب الاحيان كانت فرق امنية من وزارة الداخلية التابعة تمنع الشبان من اجتياز الحدود. في غضون ذلك، يشاهد الالاف بينهم عائلات من نساء واطفال ورجال وعجائز في الخيام التي اقيمت على طول الحدود رقصات الدبكة ويستمعون الى الاغاني الوطنية التي تلهب حماسهم وتقدمها فرق فلكلورية.
وبجانب الاعلام الفلسطينية وضعت لافتات على الخيام كتب عليها "عائدون" و"نعم لعودة اللاجئين، فلسطين لنا" و"انا راجع" وغابت رايات الفصائل التي كانت دائما تطغى خلال فعاليات مماثلة. اقامت الهيئة الوطنية العليا التي تشرف على فعاليات "مسيرة العودة الكبرى" ملاعب قرب الخيام.
"تهميش غزة في الثقافة"
غياب قطاع غزة عن المشهد الثقافي الفلسطيني، خاصة عند الحديث عن فن فلسطيني يتم الحديث أساسا عن الضفة الغربية الشتات والداخل وبقدرة قادر يتم تهميش القطاع. الى ان تم اسكات هذا النقد من خلال حطام الخمسة طوابق المتراكمة التي تكونت منها "مؤسسة المسحال للثقافة والعلوم" الذي كان يقع وسط شارع "عايدية" الذي يصل بحر غزة بحي النصر، وبين الكتب التراثية والشعرية تناثرت بين أنابيب الصرف الصحي، أجهزة حاسوب وطابعات محترقة مع لوحات فنية، ستائر كواليس المسرح تناثر بينها صور جوازات السفر التي كان يعدها ما يُعرف بمكتب "الجالية المصرية" لتنظيم سفر أصحابها.
حيث أدانت وزارة الثقافة الفلسطينية، وبأشد العبارات، استهداف اسرائيل، مبنى مؤسسة سعيد مسحال للثقافة والعلوم (مركز المسحال الثقافي) غرب غزة، ما تسبب بعدد من الإصابات، وهو المبنى الذي لطالما كان مساحة لاحتضان الفعاليات الثقافية والفنية على تنوع مجالاتها.
وناشدت الوزارة، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، وكافة المنظمات الثقافية العربية والدولية بالتدخل بشكل عاجل لوقف الاعتداءات على الموروث الثقافي الفلسطيني، والذي يشكل جزءا مهما من التراث الإنساني.
ووفقا للوكالة الفلسطينية الرسمية للانباء بدأ العمل في مؤسسة المسحال عام 1996، وافتتح المبنى عام 2004، بمبادرة شخصية من أحد مؤسسي حركة فتح، رجل الأعمال الفلسطيني المغترب، سعيد المسحال، المقيم في أستراليا، لدعم المشهد الثقافي والعلمي في غزة، استفاد منه آلاف المواطنين تدريب وتعليم وأنشطة ثقافية.
بمساهمة: كايد أبو الطيف محرر في i24News