- i24news
- تحليلات وأراء
- خاص|| فلاحون اسبان يعلنون الحرب على الطماطم المغربية !
خاص|| فلاحون اسبان يعلنون الحرب على الطماطم المغربية !
منذ أسابيع تتعرض شاحنات نقل الخضر والفواكة القادمة من المغرب تجاه اوروبا لاعتداءات من قبل مزارعين إسبان، ويخوض التقرير أدناه بتفاصيل وخلفيات هذا الحوادث
منذ أسابيع تتعرض شاحنات نقل الخضر والفواكه القادمة من المغرب نحو أوروبا، خصوصا الطماطم، لاعتداءات من قبل مزارعين إسبان يعترضونها في الطرق لمنع وصولها إلى وجهتها في اسبانيا أو بريطانيا أو دول أوروبية أخرى. فماهي الخلفيات، وكيف يتعامل المغرب مع الوضع؟
الطماطم المغربية تزيح الاسبانية من الصدارة في السوق
تعج مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بفيديوهات توثق لحظات الاعتداء على الشاحنات المغربية التي تحمل الطماطم صور بعضها سائقو الشاحنات المغاربة أو المزارعون الاسبان أنفسهم. ووفقا للموقع الاخباري الإسباني "صحيفة ألميريا" فإن استهداف الطماطم المغربية ما يراه الكثير من المزارعين الإسبان بـ"المنافسة غير العادلة من جانب دول ثالثة، التي يعبر منتجها حدود الاتحاد الأوروبي بمتطلبات أكثر تراخياً بكثير من تلك التي يتعين على المنتجين الإسبان مواجهتها". وتضيف الصحيفة الإسبانية أن اسبانيا "خسرت تفوقها كمورد للطماطم للاتحاد الأوروبي في السنوات الخمس الماضية لصالح المغرب".
ويحذر المزارعون الاسبان من أن بلادهم ستستورد الطماطم من المغرب في عام 2035 بسبب "سياسة الاتحاد الأوروبي البيئية التي تزيد من تكاليف الإنتاج الوطني". ويقوم الاتحاد الأوروبي بفرض قواعد فيما يخص ظروف العمل وتكاليف الأجور، وهو ما يراه المزارعون الاسبان بأنه غير عادل تجاه المزارعين المغاربة. لكن وزير الزراعة الإسباني لويس بلاناس قال إنه "من الخطأ أن نرى العدو في الاتحاد الأوروبي، لأن ثلث ميزانية الاتحاد الأوروبي سوف تخدم في نهاية المطاف السياسة الزراعية الاسبانية"، على حد قوله. لكن المزارعين الاسبان يطالبون الاتحاد الأوروبي وحكومة بلدهم بحظر استيراد المنتجات التي لا تتوافق مع معايير الإنتاج الأوروبية ورفع التعريفة خصوصا في أوقات الاضطراب في السوق".
تنديد مغربي ولجوء إلى القضاء
وفي حوار صحفي لوسائل إعلام مغربية وصف الشرقي الهاشمي، الكاتب الجهوي للاتحاد العام لمهنيي النقل ما حدث بأنه "أمر مشين للغاية، يعبر فقط عن انحطاط كبير لبعض المهنيين في إسبانيا". من جانبه قرر اتحاد المزارعين المغاربة يوم الخميس 29 فبراير الماضي متابعة مخربي شاحنات صادرات الفواكه والخضر المغربية بإسبانيا قضائيا. ومن جانبها أعلنت الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية في بيان أنها " تعتزم رفع شكاوى أمام المحاكم الإسبانية في هذا الشأن، أمام هذه الاعتداءات المتكررة والمقلقة".
وخلال المؤتمر الصحفي الذي جمع وزير الخارجية ناصر بوريطة مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورني بالرباط (الإثنين 26 شباط/فبراير الماضي)، قال الوزير المغربي إن الضغط على المنتوجات الفلاحية التي تستوردها أوروبا من المغرب "ليس عادلا". وأضاف بأن |المغرب يقوم بإدخال كل شيء إلى الاتحاد الأوروبي دون مشاكل أمر غير صحيح". من جانبه أفاد المتحدث الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس في مؤتمر صحفي أن المغرب بربطه بالاتحاد الأوروبي "اتفاق تبادل حر وهو إجمالي وليس انتقائيا، تم التفاوض حول مختلف تفاصيله بما فيه الكميات".
"المشكلة هي تصور سياسي أكثر من كونها مشكلة تجارية"
تجمع المغرب بدول الاتحاد الأوروبي اتفاقية للتبادل الحر في المجال الزراعي منذ 1996، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا عام 2000. كما وقع الجانبان اتفاقا بشأن "التحرير الإضافي لتجارة المنتجات الفلاحية المصنعة والصيد البحري"، دخل حيز التنفيذ في 2012.
ويرى المغرب على لسان وزير الخارجية ناصر بوريطة أن "الاتحاد الأوروبي هو الذي يصدر إلى المغرب أكبر قدر من المنتجات الفلاحية مثل الحبوب وغيرها، مشددا على أن “الضغط على المنتجات الجنوبية ليس عادلاً”. واعتبر بوريطة أن "الاتحاد الأوروبي يتم تقديمه لنا على أنه قناة يدخل من خلاله كل شيء دون مشاكل، لكننا تفاوضنا على الحصص، وتفاوضنا على معايير الصحة الغذائية"، مؤكدا أن الأمر "مشكلة تصور سياسي أكثر من كونها مشكلة تجارية".
وكشفت بيانات الجمارك الاسبانية، أن صادرات الاسبان الى جارتهم الجنوبية حققت أرقاما قياسية في السنوات القليلة الماضية، مستفيدة من التبادل الحر بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وتعد السوق المغربية ثالث أهم سوق لإسبانيا خرج القارة الأوروبية بعد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والصين.
الطماطم المغربية ليست حالة خاصة !
غضب المزارعين الاسبان من الطماطم المغربية ليس حالة خاصة في القارة الأوروبية. ففي شرق القارة يحتج المزارعون البولنديون في المعابر الحدودية مع أوكرانيا للمطالبة بفرض حظر واسع النطاق على استيراد المنتجات الزراعية الأوكرانية. وفي فرنسا ينتقد المزارعون اتفاق التبادل الحر مع دول أميركا الجنوبية، مشددين على عدم مطابقة القوانين المفروضة عليهم مع قوانين هذه الدول التي تسمح لمزارعيها باستخدام المبيدات الممنوعة في أوروبا. وسواء في الحالة المغربية أو حالة أوكرانيا فإن الحسابات السياسية تلعب دورا كبيرا، خصوصا الانتخابات الأوروبية القادمة شهر يونيو المقبل.
ويستبعد خبراء من المغرب واسبانيا أن تتطور مشكلة الطماطم المغربية إلى حرب تجارية بين الرباط ومدريد، خصوصا بعد الزخم الجديد في العلاقات بين البلدين منذ إعلان الحكومة الاسبانية عام 2022 دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي في للصحراء، وتوقيع الطرفين لاتفاقيات تعاون في مختلف المجالات ومنها المجالين الفلاحي والزراعي.