- i24NEWS
- تحليلات وأراء
- ’روسيا ستشن حربًا قريبًا’؛ قلق في أوروبا: "لسنا مستعدين"
’روسيا ستشن حربًا قريبًا’؛ قلق في أوروبا: "لسنا مستعدين"
لا شك في القارة أن الطريقة الوحيدة لضمان أنه إذا نشبت حرب، فإن أوروبا ستتمكن حتماً من الانتصار فيها مسبقاً • ومع ذلك، في بريطانيا توصلوا لحقيقة قاتمة : لسنا مستعدين لمواجهة الروس.


في ظل القلق المتزايد في الناتو وفي قارة أوروبا من حرب وشيكة مع روسيا، نشرت قناة CNN مراجعة معمقة عن الوضع في القارة والقلق بسبب عدم الاستعداد لغزو كامل بأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فقط مؤخرًا، عُقد اجتماع لمسؤولي الأمن البريطانيين لمناقشة مدى جاهزية المملكة وحلفائها للحرب القادمة، وكان حكمهم قاتمًا وحاسمًا: إنهم حتى ليسوا قريبين من أن يكونوا مستعدين.
الأشخاص الذين اجتمعوا باسم معهد الأبحاث الملكي في لندن، لم يكونوا محرضين على الحرب، بل كانوا أشخاصًا يعرفون ما يحدث ومطلعين على صلب الأمور. بينهم، أعضاء حاليون وسابقون في القوات المسلحة البريطانية، موظفو حكومة وحلف الناتو، باحثون ومحترفون في صناعة الدفاع، ممن تستند أفكارهم إلى التقدير الاستخباراتي المتبع الذي يفيد بأن روسيا تستعد لاحتمال مواجهة مباشرة مع بقية أوروبا في السنوات القريبة القادمة. الطريقة الوحيدة لمنع ذلك، بحسب رأيهم، هي التأكد من أنه إذا اندلعت حرب، فإن أوروبا ستكون قادرة بالضرورة على كسبها مسبقًا.
استثمار أكبر في الدفاع الأوروبي الذي يعاني من نقص التمويل هو مفتاح مهم، لكن خبراء الأمن يحذرون بشكل متزايد في الآونة الأخيرة من أن هناك حاجة لتغيير جذري في جميع المجالات. وبحسب قولهم: "حان الوقت لأن تجند حكومات أوروبا مواطنيها وتوضح أن الزمن الذي كان بإمكان القارة تجاهل تهديد الحرب قد ولى."
هناك توافق متزايد بين الخبراء على أن روسيا تدير بالفعل حربًا هجينة ضد الغرب من خلال تنفيذ أعمال تخريبية وإدخال الفوضى والمعلومات المضللة إلى النقاشات السياسية الداخلية. ويشيرون إلى مؤشرات مثل الاختراقات المتكررة للمجال الجوي لحلف الناتو من قبل الطائرات والطائرات المسيرة الروسية، والتشويش على أنظمة تحديد المواقع GPS في دول البلطيق.
مخاوف بارزة
في حين أن موسكو لم تنفذ هجمات مباشرة ضد حلفاء الناتو في أوروبا – يقول خبراء إن ذلك يعود جزئياً إلى معرفة روسيا بأنها لن تتمكن من هزيمة الحلف بقدراتها الحالية. ومع ذلك، هناك مؤشرات متزايدة على أن هذا قد يتغير في المستقبل.
حذر الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، في وقت سابق هذا العام من أن روسيا قد تكون مستعدة لاستخدام القوة العسكرية ضد الناتو خلال خمس سنوات. وزير الخارجية الألماني، يوهان ودفول، كرر هذا التحذير في خطاب ألقاه الشهر الماضي، وقال إن أجهزة الاستخبارات الألمانية تعتقد أن موسكو "على الأقل تترك خيار الحرب ضد الناتو مفتوحًا حتى عام 2029 كحد أقصى". وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بداية الشهر الحالي إنه رغم أنه لا يخطط لشن حرب، إلا أنه إذا أرادت أوروبا فجأة شن حملة، فسيكون مستعدًا.
الإجماع بين دول البلطيق هو أن هجومًا ضدها قد يحدث بالفعل خلال ثلاث سنوات. عندما بحث باحثون في العلوم والعلاقات الدولية في هارفارد التحذيرات والتوقعات بشأن استعداد روسيا لشن حرب ضد الناتو، اكتشفوا أن أكثر السنوات المذكورة هي 2027 و2028.
الاعتراف بهذا التهديد دفع الناتو إلى تطوير خطط طوارئ حول كيفية الدفاع ضد عدوان روسي محتمل على الدول البلطيقية. لكن الخبراء يحذرون من أن خطط الحلف غير ملائمة.
قال جاك واتلينغ، الباحث البارز في مركز الأبحاث البريطاني: "هناك خطة مدعومة بأرقام، لكن الحكومات لا تتخذ الخطوات اللازمة لتنفيذها. ما زلنا نخطط بناءً على أمور غير موجودة". وأشار إلى أنه على الرغم من أن المملكة المتحدة تسير في الاتجاه الصحيح، إلا أنها ستحتاج، بالوتيرة الحالية، إلى عشر سنوات أخرى لتكون جاهزة للحرب. في المقابل، تشير تحليلات حلفائها إلى أن بريطانيا لن تحتاج إلا إلى ثلاث إلى خمس سنوات.
قامت السويد وفنلندا بتحديث الإرشادات لمواطنيهما حول كيفية البقاء على قيد الحياة أثناء الحرب في العام الماضي، ووزعتا كتيبات تضمنت تعليمات حول كيفية الاستعداد لانقطاع الاتصالات، انقطاع الكهرباء، والطقس القاسي. عدد من الدول، بما في ذلك ليتوانيا، لاتفيا والسويد، أعادت الخدمة العسكرية الإلزامية خلال العقد الأخير، بينما أدخلت دول أخرى مثل ألمانيا، بولندا، بلجيكا، رومانيا وبلغاريا برامج تدريب عسكرية تطوعية لمواطنيها.
عائد السلام
قضت العديد من العواصم الأوروبية، بما في ذلك لندن، العقود الأخيرة دون التفكير كثيرًا في الدفاع. في ظل غياب صراعات عسكرية مباشرة في القارة منذ عام 1945، تمتعت أوروبا بفترة طويلة جدًا من السلام المتواصل لم تشهد مثلها منذ مئات السنين.
عقود من الهدوء النسبي جاءت مع عائد سلام كبير. الحكومات المتعاقبة كان بإمكانها إنفاق المال على الرفاهية بدلاً من الأمن، مما جعل حياة الأوروبيين العاديين أكثر راحة بكثير، مع الاعتماد على الولايات المتحدة، التي تنفق أكبر قدر من المال على الجيش في العالم، لتأتي لمساعدتهم عند الحاجة.
لكن بعد ذلك جاءت صحوتان قاسيتان: رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب, أوضح لحليفات الناتو أنهن لم يعد بإمكانهن الاعتماد كثيرًا على الولايات المتحدة، وكذلك الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.
هذا التغيير في الوضع القائم دفع معظم دول الناتو في أوروبا إلى زيادة نفقات الدفاع. ووفقًا لبيانات الناتو، من المتوقع أن تفي 31 دولة من أصل 32 من أعضائها بهدف الإنفاق بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام، وهو ارتفاع مقارنة بست دول فقط في عام 2021، العام الذي سبق غزو روسيا. آيسلندا، وهي عضو مؤسس في الناتو والدولة الوحيدة التي لا يُتوقع أن تحقق الهدف، ليس لديها قوات مسلحة خاصة بها. وبدلاً من ذلك، تساهم اقتصاديًا، من خلال كوادر مدنية وأنظمة دفاع جوي ورصد.
اتفقت دول الناتو هذا العام على رفع الهدف إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2035. ومع ذلك، فإن العديد من المحللين متشككون بشأن هذا الهدف، خاصة لأن معظم الدول الأوروبية تواجه ضغوطًا اقتصادية حتى دون التفكير في زيادة ضخمة في نفقاتها الدفاعية. شرح ذلك للناخبين، وإمكانية الحاجة إلى إعادة تخصيص بعض الموارد، وأن المزيد من الناس قد يضطرون للخدمة في الاحتياط أو في القوات النظامية، ليس شيئًا يرغب معظم السياسيين في فعله.
بالإضافة إلى ذلك، أثار قائد القوات المسلحة الفرنسية ضجة في الشهر الماضي عندما حذر الجمهور الفرنسي من أن على البلاد أن تستعد لخسائر مستقبلية محتملة جراء العدوان الروسي، حيث شدد على أن فرنسا يجب أن "تتقبل فقدان أبنائها" من أجل "الدفاع عن من نحن".