محور إيران - تونس - الجزائر: تقرير غربي يحذّر من تحوّل استراتيجي في المنطقة
المجلس الأطلسي يحذّر من تشكّل محور إقليمي جديد في شمال أفريقيا وسط تراجع النفوذ الغربي


كشف تحليل صادر عن المجلس الأطلسي (Atlantic Council) الأمريكي أن إيران تكثّف جهودها لتعميق علاقاتها مع تونس، في إطار مسعى أوسع لإعادة بناء نفوذها الإقليمي، بعد سلسلة ضربات أثّرت على قيادتها وحلفائها في الشرق الأوسط خلال العامين الأخيرين.
وجاء التحليل في أعقاب زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى تونس في وقت سابق من الخريف، حيث التقى الرئيس التونسي قيس سعيّد ووزير الخارجية محمد علي النفطي. واعتبر التقرير أن الزيارة شكّلت مؤشرًا واضحًا على تقارب سياسي واقتصادي متزايد بين البلدين، وسط استعدادات لإحياء اتفاقيات ثنائية عبر لجان مشتركة، وتعزيز التعاون التجاري والسياحي، بما في ذلك إعادة فتح الرحلات الجوية المباشرة بين تونس وطهران.
وأشار المجلس الأطلسي إلى أن هذا التحرّك الإيراني يأتي في وقت تسعى فيه طهران إلى تعويض تراجع مكانتها الإقليمية، مستفيدة من هشاشة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في تونس. فبينما تعاني إيران من تداعيات الخسائر التي مُنيت بها هي ووكلاؤها خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس، تواجه تونس عزلة دولية متزايدة، وأزمة اقتصادية خانقة، وتراجعًا ملحوظًا في الدعم الغربي.
وبحسب التقرير، يرى الرئيس التونسي قيس سعيّد في التقارب مع إيران "فرصة سياسية تخدم خطابه الشعبوي المعادي للغرب، وتساعده على الحفاظ على شرعيته الداخلية، في ظل استمرار حملته الواسعة ضد مؤسسات الدولة منذ استحواذه على السلطات في يوليو 2021 "، كما ينسجم هذا التوجّه مع مواقفه الداعمة بشدة للقضية الفلسطينية، ومع سعيه لتقديم تونس كدولة رافضة للهيمنة الغربية.
وتوقّف التحليل عند الدور المحوري للجزائر في هذا المسار، معتبرًا أن تعزيز العلاقات التونسية–الإيرانية من شأنه أن يرسّخ محورًا إقليميًا يضم تونس والجزائر وإيران. وأوضح أن اعتماد تونس المتزايد على الجزائر، التي تُعدّ أكبر داعم اقتصادي وأمني لها حاليًا، يجعل من هذا التقارب خيارًا عمليًا بالنسبة لسعيّد، خاصة في ظل شعور الجزائر نفسها بعزلة إقليمية متنامية منذ توقيع المغرب على اتفاقيات أبراهيم وتطبيع علاقاته مع إسرائيل. ولفت التقرير إلى أن الجزائر كثّفت دعمها لتونس خلال السنوات الأخيرة، عبر قروض مالية كبيرة، واتفاقيات اقتصادية وأمنية، وتوسيع التعاون العسكري بين البلدين.
وحذّر المجلس الأطلسي من أن أبعاد التقارب التونسي–الإيراني لا تقتصر على السياسة والاقتصاد، بل قد تحمل دلالات أمنية واستراتيجية. وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى ما أوردته قناة i24news الإسرائيلية في سبتمبر الماضي، نقلًا عن مصادر أمنية، بشأن محادثات جرت بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول احتمال نقل قيادات بارزة من حركة حماس من قطاع غزة إلى تونس، بمشاركة غير مباشرة من إيران ودول أخرى. ولفت التقرير إلى أن هذه المعلومات تعكس، بحسب التحليل، المخاوف من أن تتحول تونس إلى ساحة محتملة لنشاطات قوى مدعومة من طهران في حال تزايد الضغوط على دول أخرى في المنطقة.
وختم التقرير بالتأكيد على أن أي توسيع للنفوذ الإيراني في شمال أفريقيا، عبر تونس تحديدًا، قد يساهم في تعزيز ما تصفه طهران بـ"محور المقاومة"، ويشكّل تحديًا إضافيًا للنفوذ الغربي في المنطقة، في وقت تشهد فيه تونس تحوّلًا متسارعًا في توجهاتها الجيوسياسية.